كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ} زعم بعض من روى عن ابن عبّاس أنه قال: رأى المسلمون المشركين في الحزر ستمائة وكان المشركون تسعمائة وخمسين، فهذا وجه. وروى قول آخر كأنه أشبه بالصواب: أن المسلمين رأوا المشركين على تسعمائة وخمسين والمسلمون قليل ثلاثمائة وأربعة عشر، فلذلك قال: {قَدْ كانَ لَكُمْ} يعنى اليهود {آيَةٌ} في قلّة المسلمين وكثرة المشركين.
فإن قلت: فكيف جاز أن يقال: {مِثْلَيْهِمْ} يريد ثلاثة أمثالهم؟ قلت: كما تقول وعندك عبد: أحتاج إلى مثله، فأنت محتاج إليه وإلى مثله، وتقول: أحتاج إلى مثلى عبدى، فأنت إلى ثلاثة محتاج. ويقول الرجل: معى ألف وأحتاج إلى مثليه، فهو يحتاج إلى ثلاثة. فلمّا نوى أن يكون الألف داخلا في معنى المثل صار المثل اثنين والمثلان ثلاثة. ومثله في الكلام أن تقول: أراكم مثلكم، كأنك قلت: أراكم ضعفكم، وأراكم مثليكم يريد ضعفيكم، فهذا على معنى الثلاثة.
فإن قلت: فقد قال في سورة الأنفال: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} فكيف كان هذا هاهنا تقليلا، وفى الآية الأولى تكثيرا؟
قلت: هذه آية المسلمين أخبرهم بها، وتلك الآية لأهل الكفر. مع أنك تقول في الكلام: إني لأرى كثيركم قليلا، أي قد هوّن علىّ، لا أنى أرى الثلاثة اثنين.
ومن قرأ {ترونهم} ذهب إلى اليهود لأنه خاطبهم، ومن قال: {يرونهم} فعلى ذلك كما قال: {حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} وإن شئت جعلت {يرونهم} للمسلمين دون اليهود.
وقوله: {وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ... (14)}.
واحد القناطير قنطار. ويقال أنه ملء مسك ثور ذهبا أو فضّة، ويجوز {القناطير} في الكلام، والقناطير ثلاثة، والمقنطرة تسعة. كذلك سمعت، وهو المضاعف.
وقوله: {قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ... (15)}.
ثم قال لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ فرفع الجنات باللام. ولم يجز ردّها على أوّل الكلام لأنك حلت بينهما باللام، فلم يضمر خافض وقد حالت اللام بينهما. وقد يجوز أن تحول باللام ومثلها بين الرافع وما رفع، والناصب وما نصب.
فتقول: رأيت لأخيك مالا، ولأبيك إبلا. وترفع باللام إذا لم تعمل الفعل، وفى الرفع: قد كأن لأخيك مال ولأبيك إبل. ولم يجز أن تقول في الخفض: قد أمرت لك بألف ولأخيك ألفين، وأنت تريد (بألفين) لأن إضمار الخفض غير جائز ألا ترى أنك تقول: من ضربت؟ فتقول: زيدا، ومن أتاك؟ فتقول: زيد. فيضمر الرافع والناصب. ولو قال: بمن مررت؟ لم تقل: زيد لأن الخافض مع ما خفض بمنزلة الحرف الواحد. فإذا قدّمت الذي أخرته بعد اللام جاز فيه الخفض لأنه كالمنسوق على ما قبله إذا لم تحل بينهما بشيء. فلو قدّمت الجنّات قبل اللام فقيل: {بخير من ذلكم جنات للذين اتقوا} لجاز الخفض والنصب على معنى تكرير الفعل بإسقاط الباء كما قال الشاعر:
أتيت بعبد اللّه في القدّ موثقا ** فهلا سعيدا ذا الخيانة والغدر!

كذلك تفعل بالفعل إذا اكتسب الباء ثم أضمرا جميعا نصب كقولك: أخاك، وأنت تريد امرر بأخيك. وقال الشاعر في استجازة العطف إذا قدّمته ولم تحل بينهما بشيء:
ألا يا لقوم كلّ ما حمّ واقع ** وللطير مجرى والجنوب مصارع

أراد: وللجنوب مصارع، فاستجاز حذف اللام، وبها ترتفع المصارع إذ لم تحل بينهما بشيء. فلو قلت: ومصارع الجنوب لم يجز وأنت تريد إضمار اللام.
وقال الآخر:
أوعدني بالسجن والأداهم ** رجلي ورجلي شثنة المناسم

أراد: أوعد رجلى بالأداهم.
وقوله: {فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ} والوجه رفع يعقوب.
ومن نصب نوى به النصب، ولم يجز الخفض إلا بإعادة الباء: ومن وراء إسحاق بيعقوب.
وكلّ شيئين اجتمعا قد تقدّم أحدهما قبل المخفوض الذي ترى أن الإضمار فيه يجوز على هذا. ولا تبال أن تفرق بينهما بفاعل أو مفعول به أو بصفة. فمن ذلك أن تقول: مررت بزيد وبعمرو ومحمد أو وعمرو ومحمد. ولا يجوز مررت بزيد وعمرو وفى الدار محمد، حتى تقول: بمحمد. وكذلك: أمرت لأخيك بالعبيد ولأبيك بالورق. ولا يجوز: لأبيك الورق. وكذلك: مرّ بعبد اللّه موثقا ومطلقا زيد، وأنت تريد: ومطلقا بزيد. وإن قلت: وزيد مطلقا جاز ذلك على شبيه بالنسق إذا لم تحل بينهما بشيء.
وقوله: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فيها ثلاثة أوجه أجودها الرفع، والنصب من جهتين: من وعدها إذ لم تكن النار مبتدأة، والنصب الآخر بإيقاع الإنباء عليها بسقوط الخفض. والخفض جائز لأنك لم تحل بينهما بمانع. والرفع على الابتداء.
فإن قلت: فما تقول في قول الشاعر:
الآن بعد لجاجتي تلحونني ** هلا التقدّم والقلوب صحاح

بم رفع التقدّم؟ قلت: بمعنى الواو في قوله: (والقلوب صحاح) كأنه قال: العظة والقلوب فارغة، والرطب والحرّ شديد، ثم أدخلت عليها هلّا وهى على ما رفعتها، ولو نصبت التقدّم بنية فعل كما تقول: أتيتنا بأحاديث لا نعرفها فهلا أحاديث معروفة.
ولو جعلت اللام في قوله: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ} من صلة الإنباء جاز خفض الجنات والأزواج والرضوان.
وقوله: {الَّذِينَ يَقُولُونَ... (16)}.
إن شئت جعلته خفضا نعتا للذين اتقوا، وإن شئت استأنفتها فرفعتها إذ كانت آية وما هي نعت له آية قبلها. ومثله قول اللّه تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ} فلمّا انقضت الآية قال: {التّائبون العابدون}، وهى في قراءة عبد اللّه {التائبين العابدين}.
وكذلك: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ... (17)}.
موضعها خفض، ولو كانت رفعا لكان صوابا. وقوله: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ} المصلّون بالأسحار، ويقول: الصلاة بالسحر أفضل مواقيت الصلاة. أخبرنا محمد ابن الجهم قال حدّثنا الفرّاء قال حدّثني شريك عن السّدّيّ في قوله: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} قال: أخّرهم إلى السحر.
وقوله: {شَهِدَ اللَّهُ أنه لا إله إلا هو... (18)}.
قد فتحت القرّاء الألف من (أنه) ومن قوله: {أن الدين عِنْدَ اللَّهِ الإسلام}.
وإن شئت جعلت (أنه) على الشرط وجعلت الشهادة واقعة على قوله: {إن الدين عِنْدَ اللَّهِ الإسلام}، وتكون (أنّ) الأولى يصلح فيها الخفض كقولك: شهد اللّه بتوحيده أن الدين عنده الإسلام.
وإن شئت استأنفت {أن الدين} بكسرتها، وأوقعت الشهادة على {أَنَّهُ لا إله إلا هو}. وكذلك قرأها حمزة. وهو أحبّ الوجهين إلىّ. وهى في قراءة عبد اللّه {أن الدين عِنْدَ اللَّهِ الإسلام}. وكان الكسائىّ يفتحهما كلتيهما.
وقرأ ابن عباس بكسر الأوّل وفتح {أن الدين عند اللّه الإسلام}، وهو وجه جيّد جعل {إنه لا إله إلا هو} مستأنفة معترضة- كأنّ الفاء تراد فيها- وأوقع الشهادة على {أن الدين عند اللّه}. ومثله في الكلام قولك للرجل: أشهد- إني أعلم الناس بهذا- أنك عالم، كأنك قلت: أشهد- إني أعلم بهذا من غيرى- أنك عالم. وإذا جئت بأنّ قد وقع عليها العلم أو الشهادة أو الظن وما أشبه ذلك كسرت إحداهما ونصبت التي يقع عليها الظنّ أو العلم وما أشبه ذلك نقول للرجل: لا تحسبن أنك عاقل أنك جاهل، لأنك تريد فإنك جاهل، وإن صلحت الفاء في إن السابقة كسرتها وفتحت الثانية. يقاس على هذه ما ورد.
وقوله: {وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِمًا بِالْقِسْطِ} منصوب على القطع لأنه نكرة نعت به معرفة. وهو في قراءة عبد اللّه {القائم بالقسط} رفع لأنه معرفة نعت لمعرفة.
وقوله: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ (20)} {ومن اتّبعن} للعرب في الياءات التي في أواخر الحروف- مثل اتبعن، وأكرمن، وأهانن، ومثل قوله: {دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ}- {وَقَدْ هَدانِ}- أن يحذفوا الياء مرة ويثبتوها مرة. فمن حذفها اكتفى بالكسرة التي قبلها دليلا عليها. وذلك أنها كالصلة إذ سكنت وهى في آخر الحروف واستثقلت فحذفت. ومن أتمّها فهو البناء والأصل. ويفعلون ذلك في الياء وإن لم يكن قبلها نون فيقولون هذا غلامى قد جاء، وغلام قد جاء قال اللّه تبارك وتعالى: {فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ} في غير نداء بحذف الياء. وأكثر ما تحذف بالإضافة في النداء لأن النداء مستعمل كثير في الكلام فحذف في غير نداء. وقال إبراهيم: {رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ} بغير ياء، وقال في سورة الملك: {فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ} و{نَذِيرِ} وذلك أنهن رءوس الآيات، لم يكن في الآيات قبلهن ياء ثانية فأجرين على ما قبلهن إذا كان ذلك من كلام العرب.
ويفعلون ذلك في الياء الأصلية فيقولون: هذا قاض ورام وداع بغير ياء، لا يثبتون الياء في شيء من فاعل. فإذا أدخلوا فيه الألف واللام قالوا بالوجهين فأثبتوا الياء وحذفوها. وقال اللّه: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} في كل القرآن بغير ياء.
وقال في الأعراف: {فَهُوَ الْمُهْتَدِي} وكذلك قال: {يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ} و{أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ}. وأحبّ ذلك إلىّ أن أثبت الياء في الألف واللام لأن طرحها في قاض ومفتر وما أشبهه بما أتاها من مقارنة نون الإعراب وهى ساكنة والياء ساكنة، فلم يستقم جمع بين ساكنين، فحذفت الياء لسكونها. فإذا أدخلت الألف واللام لم يجز إدخال النون، فلذلك أحببت إثبات الياء. ومن حذفها فهو يرى هذه العلّة: قال: وجدت الحرف بغير ياء قبل أن تكون فيه الألف واللام، فكرهت إذ دخلت أن أزيد فيه ما لم يكن. وكلّ صواب.
وقوله: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} وهو استفهام ومعناه أمر. ومثله قول اللّه: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} استفهام وتأويله: انتهوا. وكذلك قوله: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} وهل تستطيع ربّك إنما هو مسألة. أو لا ترى أنك تقول للرجل: هل أنت كافّ عنا؟ معناه: اكفف، تقول للرجل: أين أين؟
أقم ولا تبرح. فلذلك جوزي في الاستفهام كما جوزي في الأمر. وفى قراءة عبد اللّه {هل أدلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم آمنوا} ففسّر {هل أدلكم} بالأمر.
وفى قراءتنا على الخبر. فالمجازاة في قراءتنا على قوله: {هل أدلكم} والمجازاة في قراءة عبد اللّه على الأمر لأنه هو التفسير.
وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ (21)} تقرأ: ويقتلون، وهى في قراءة عبد اللّه وقاتلوا فلذلك قرأها من قرأها {يقاتلون}، وقد قرأ بها الكسائيّ دهرا يقاتلون ثم رجع، وأحسبه رآها في بعض مصاحف عبد اللّه وقتلوا بغير الألف فتركها ورجع إلى قراءة العامّة إذ وافق الكتاب في معنى قراءة العامّة.
وقوله: {فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ (25)} قيلت باللام. وفي قد تصلح في موضعها تقول في الكلام: جمعوا ليوم الخميس. وكأنّ اللام لفعل مضمر في الخميس كأنهم جمعوا لما يكون يوم الخميس.
وإذا قلت: جمعوا في يوم الخميس لم تضمر فعلا. وفى قوله: {جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ} أي للحساب والجزاء.
وقوله: {قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ (26)} {اللَّهُمَّ} كلمة تنصبها العرب. وقد قال بعض النحويين: إنما نصبت إذ زيدت فيها الميمأن لأنها لا تنادى بيا كما تقول: يا زيد، ويا عبد اللّه، فجعلت الميم فيها خلفا من يا. وقد أنشدني بعضهم:
وما عليك أن تقولى كلّما ** صلّيت أو سبّحت يا اللهمّ ما

اردد علينا شيخنا مسلما ولم نجد العرب زادت مثل هذه الميم في نواقص الأسماء إلا مخفّفة مثل الفم وابنم وهم، ونرى أنها كانت كلمة ضمّ إليها امّ، تريد: يا اللّه امّنا بخير، فكثرت في الكلام فاختلطت. فالرفعة التي في الهاء من همزة أمّ لما تركت انتقلت إلى ما قبلها.
ونرى أن قول العرب: {هلمّ إلينا} مثلها إنما كانت (هل) فضمّ إليها أمّ فتركت على نصبها. ومن العرب من يقول إذا طرح الميم: يا اللّه اغفر لى، ويا اللّه اغفر لى، فيهمزون ألفها ويحذفونها. فمن حذفها فهو على السبيل لأنها ألف ولام مثل الحارث من الأسماء. ومن همزها توهّم أنها من الحرف إذ كانت لا تسقط منه أنشدني بعضهم:
مبارك هوّ ومن سمّاه ** على اسمك اللهمّ يا اللّه

وقد كثرت (اللهم) في الكلام حتى خفّفت ميمها في بعض اللغات أنشدنى بعضهم:
كحلفة من أبى رياح ** يسمعها اللهم الكبار

وإنشاد العامّة: لاهه الكبار. وأنشدنى الكسائىّ:
يسمعها اللّه واللّه كبار وقوله تبارك وتعالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ}. (إذا رأيت من تشاء مع من تريد من تشاء أن تنزعه منه). والعرب تكتفى بما ظهر في أوّل الكلام ممّا ينبغى أن يظهر بعد شئت. فيقولون: خذ ما شئت، وكن فيما شئت. ومعناه فيما شئت أن تكون فيه. فيحذف الفعل بعدها قال تعالى: {اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} وقال تبارك وتعالى:{فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ} والمعنى- واللّه أعلم-: في أي صورة شاء أن يركّبك ركّبك. ومنه قوله تعالى: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ} وكذلك الجزاء كله إن شئت فقم، وإن شئت فلا تقم المعنى: إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت ألّا تقوم فلا تقم. وقال اللّه: {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ} فهذا بيّن أنّ المشيئة واقعة على الإيمان والكفر، وهما متروكان. ولذلك قالت العرب: (أيّها شئت فلك) فرفعوا أيّا لأنهم أرادوا أيّها شئت أن يكون لك فهو لك. وقالوا (بأيّهم شئت فمرّ) وهم يريدون: بأيّهم شئت أن تمرّ فمرّ.
وقوله: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ... (27)}.
جاء التفسير أنه نقصان الليل يولج في النهار، وكذلك النهار يولج في الليل، حتى يتناهى طول هذا وقصر هذا.
وقوله: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} ذكر عن ابن عباس أنها البيضة: ميتة يخرج منها الفرخ حيّا، والنطفة: ميتة يخرج منها الولد.
وقوله: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ... (28)}.